|

وقف استراتيجية

وقف استراتيجية الاستراتيجية: هي أفعال وأساليب تسعى إلى تحقيق الأهداف من خلال خطط مسبقة بعوامل مساعدة تؤثر في…

وقف استراتيجية

الاستراتيجية: هي أفعال وأساليب تسعى إلى تحقيق الأهداف من خلال خطط مسبقة بعوامل مساعدة تؤثر في إمكانية حدوثها أو تطبيقها. بمعنى مختصر: هي أدوات وبرامج استباقية للتخطيط وتحديد الوسائل التي يجب الأخذ بها في القمّة والقاعدة؛ لتحقيق الأهداف البعيدة.

قال الله تعالى: (( قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا….. إلى * قوله فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ )).

فكان فعل ذي القرنين استباقية واستراتيجية لدفع خطر يأجوج ومأجوج، وحماية المجتمع من شرورهم، وتجفيف منابع فسادهم لوقتٍ معلوم، يأذن الله تعالى به!!

وكذلك عمل النبي صلى الله عليه وسلم في بدرٍ بالنزول عند الماء ومنع قريش منه، وكذلك فعله في الأحزاب بحفر الخندق وتحصين المدينة من خطر الأحزاب.

والوقف يمثّل هذه الاستباقية في جميع العصور الإسلامية، ولقد كان له الدور الفاعل في نهضة الأمّة اجتماعيًا واقتصاديًا و ثقافيًا، وأسهَم بدور كبير وعظيم في تكييف الأجهزة المسؤولة في الدولة.

وتحقيق الوطأة إلى حد بعيد عن الميزانية العمومية، وكفل للعديد من العلماء أرزاقهم؛ كي يتفرغوا لشؤونهم العلمية.

قال محمد بن الحسن: إنّ صناعتنا هذه من المهد إلى اللحد، فمن أراد أن يترك علمنا هذا الساعة، فليتركه الساعة.

وكان عامة أهل الأندلس يتمثلون بهذا البيت:

إذا المرء اشترى بصلة     فلا تسله في مسلة

الغاية الاستراتيجية للوقف، هي حماية هذا الدين، ورعاية مؤسساته، والانفاق على القائمين عليه، وتعاهد خصوبة أرض الوقف النابضة بالحياة والمشبعة بالأمل، وضرورة تحقيق الاستقلالية، ليتخلص الوقف من التبعية وتحكم أجهزة الدولة، ولا يكون هذا إلا باستباقية مشاريع تنبض بالحياة، وتشع بالنّور على أرض الإسلام.

بفضل استراتيجية وخطط برامج الوقف الاستباقية، أزهرت مؤسسات المجتمع المدني المثالي مع ازدهار الحضارة الإسلامية، وتفتحت براعمه، لم تقتصر استراتيجية الوقف على نماذج معينة دون أخرى، كالأراضي والعقارات والرباع، إنّما شملت الدور والقصور والحوانيت والحمامات و الأفران وغيرها؛ ممّا يمكن أن يدِر موردًا ودخلاً منتظمًا تستعين به المؤسسات، ويكفل لها ديمومتها واستمرارها. فلا بدّ للمؤسسات الوقفية، من استراتيجية لاستحداث مشاريع وقفية متوائمة مع احتياجات المجتمعات الإسلامية، وضرورة تحويل المساهمات الفردية في مجال الوقف إلى عملٍ مؤسسيٍ مقنن، له ضوابطه وشروطه، يتحقق من خلالها حفظ أصول الوقف وصيانتها وتنفيذ شروط الواقفين، بل ويتحتم استراتيجيًا، ضرورة نشر ثقافة الوقف وإحياء سنّته والقيام ببرامج وحملات توعوية وإعلامية لتبصير عموم المسلمين بأهميته وحاجة الأمّة إليه، ومن الاستراتيجيات الوقفية، تنظيم الوقف بعيدًا عن سلطة الحكومات الوظيفية؛ نظرًا لفشل أجهزتها في إدارة قطاع الأعمال، واعتبار الأوقاف أموالاً خاصةً تدار بطريقةٍ معينةٍ، وللنهوض بالمشاريع الوقفية من خلال توظيف الاستراتيجيات المعدّة سلفًا، ضرورة دراسة معوقات الوقف في العصر الحاضر، وسبل النهوض بها، من خلال إنشاء مراكز متخصصة في بحوث الأوقاف ودراساتها.

وفي الختام، الوقف استراتيجية، طامحة لكلّ ازدهار وتفوق ونمو!!

تعليق واحد

اترك تعليقاً