|

التدقيق الشرعي الداخلي في المؤسسات المالية الإسلامية

التدقيق الشرعي الداخلي في المؤسسات المالية الإسلامية

د. جمال أحمد محمد سعيد

أستاذ مساعد – قسم المحاسبة

كلية العلوم الإدارية – جامعة البيضاء

يعتبر التدقيق الشرعي الداخلي أحد الأدوات الهامة التي تساعد المؤسسات المالية الإسلامية على تحقيق أهدافها وامتثالها للشريعة الإسلامية من خلال تقييم السياسات والإجراءات، ومراجعة العقود والإتفاقيات، وتقييم أداء الإدارة الشرعية.

كما أن التدقيق الشرعي الداخلي في المؤسسات المالية الإسلامية يعمل على تقييم مدى توافق أنشطة المؤسسة مع المبادئ والضوابط الشرعية، وضمان أن جميع العمليات المالية والإدارية تتم وفقًا للشريعة الإسلامية، وتعزيز الثقة بين العملاء والمستثمرين، وتحسين أداء المؤسسة المالية من خلال التأكد من أن جميع أنشطتها تتم وفقًا للشريعة الإسلامية.

كما إن عملية التدقيق الشرعي الداخلي تعد عملية تكاملية لمهام الرقابة الشرعية ودعامة محصنة لمبدأ المصارف الإسلامية. حيث يقوم بها شخص مهني مستقل، يتحقق من التزام المصرف الإسلامي بأحكام الشريعة الإسلامية في معاملاتها وأنشطتها باستخدام مجموعة من الوسائل للحصول على معلومات صادقة وأكيدة.

تعريف التدقيق الشرعي الداخلي:

يمكن تعريف التدقيق الشرعي الداخلي بأنه: “فحص مستقل وموضوعي لمدى التزام المصرف بمبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها ومقررات وفتاوي هيئة الرقابة الشرعية في ممارسة أنشطته، ويقدم قيمة تحوطية واستشارية وإرشادية للمصرف يساعده في تحقيق أهدافه ويشمل العقود والإتفاقات والسياسات والمنتجات والمعاملات وعقود التأسيس والنظم الأساسية والقوائم المالية والتقارير وخاصة تقارير المراجعة الداخلية وتقارير عمليات الفحص والمراقبة التي يقوم بها مفتشو البنك المركزي العراقي (البنك المركزي العراقي، 2018، 18).

وهو نشاط تأكيدي استشاري موضوعي مستقل داخل المنشأة، مصمم لمراقبة وتحسين إنجاز أهدافه المنشأة، من خلال التحقق من اتباع المؤسسة للضوابط والأحكام الصادرة من قبل الهيئة الشرعية، وكذلك السياسات والخطط والإجراءات اللازمة لتنفيذ المنتجات الشرعية، واقتراح التحسينات اللازمة إدخالها حتى تصل المؤسسة إلى درجة الالتزام الشرعي الأمثل.

أهمية التدقيق الشرعي الداخلي:

يُعد التدقيق الشرعي الداخلي جزءًا أساسياً من نظام الرقابة الداخلية في المؤسسات المالية الإسلامية، وله أهمية كبيرة في ضمان الامتثال للشريعة الإسلامية، وتحسين أداء المؤسسة، وتبرز هذه الأهمية في الآتي:

  • ضمان الامتثال للشريعة الإسلامية من خلال عدم حدوث مخالفات شرعية قد تؤثر على سمعة المؤسسة المالية الإسلامية وثقة العملاء.
  • تعزيز الثقة بين العملاء والمستثمرين في المؤسسة المالية الإسلامية بحيث يضمن أن الأنشطة المالية تتم بطريقة تتفق مع القيم والمبادئ الإسلامية.
  • تحسين الرقابة الداخلية في المؤسسة المالية الإسلامية بحيث يساعدها في تحديد نقاط الضعف والمخاطر المحتملة واقتراح الحلول المناسبة.
  • دعم إتخاذ القرارات في المؤسسة المالية الإسلامية مما يساعد في تقييم أداءها وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين.
  • حماية الأصول في المؤسسة المالية الإسلامية من خلال الكشف عن أي مخالفات أو تجاوزات قد تؤدي إلى خسائر مالية.
  • يساهم التدقيق الشرعي الداخلي في ضمان امتثال المؤسسة المالية الإسلامية للمتطلبات التنظيمية والمعايير الشرعية المعمول بها في القطاع المالي الإسلامي.
  • يساهم التدقيق الشرعي الداخلي في تحسين أداء المؤسسة المالية الإسلامية، من خلال تحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين وتقديم التوصيات اللازمة.
  • يساهم التدقيق الشرعي الداخلي في تعزيز الشفافية والمساءلة في المؤسسة المالية الإسلامية، من خلال تقديم تقارير دقيقة وشفافة حول أداء المؤسسة.

أهداف التدقيق الشرعي الداخلي:

يهدف التدقيق الشرعي الداخلي إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية في المؤسسات المالية الإسلامية، وتتمثل فيما يلي:

  • تقييم مدى التزام المؤسسة المالية الإسلامية بضوابط ومعايير الشريعة الإسلامية.
  • تحديد المخاطر المحتملة التي قد تؤدي إلى مخالفات شرعية.
  • تحسين أنظمة الرقابة الداخلية لضمان الامتثال للشريعة الإسلامية.
  • تقديم توصيات بناءة لتحسين الامتثال للشريعة الإسلامية، والعمل على تنفيذها ومتابعتها لضمان التحسن المستمر.
  • مساعدة الإدارة في تحمل مسؤوليتها بشأن الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية والتأكد من تطبيقها (مشعل، عبدالباري،2011، 4).
  • تعزيز الشفافية والمساءلة داخل المؤسسة المالية الإسلامية.
  • توفير معلومات قيمة تساعد إدارة المؤسسة المالية الإسلامية في اتخاذ قرارات مستنيرة.
  • حماية أصول المؤسسة المالية الإسلامية من خلال الكشف عن أي خسائر مالية.
  • التأكد من أن المؤسسة المالية الإسلامية تمثل للمتطلبات التنظيمية والشرعية المحددة من قبل الجهات الرقابية.
  • تحسين أداء المؤسسة المالية الإسلامية من خلال تحديد المخاطر والمخالفات والعمل على معالجتها.

آليات التدقيق الشرعي الداخلي:

يعتمد التدقيق الشرعي الداخلي على عدة آليات في المؤسسات المالية الإسلامية لضمان فعالية وكفاءة عملية التدقيق، وتتمثل فيما يلي:

  • تحديد الأنشطة والعمليات التي سيتم تدقيقها من خلال وضع خطة واضحة للتدقيق تغطي جميع الجوانب الهامة.
  • جمع البيانات والمعلومات ذات الصلة بعملية الدقيق من خلال استخدام أدوات وتقنيات مختلفة لجمعها، مثل: الاستبيانات والمقابلات والمراجعة الوثائقية.
  • تحليل البيانات المجمعة لتحديد المخاطر والمخالفات المحتملة من خلال استخدام أدوات تحليلية مختلفة لتقييم البيانات واستخلاص النتائج.
  • تقييم مدى امتثال المؤسسة للشريعة الإسلامية ومعاييره.
  • إعداد تقارير دورية ول نتائج التدقيق.
  • تقديم توصيات بناءة ومتابعة تنفيذها من قبل فريق التدقيق.
  • توفير التدريب اللازم لأعضاء فريق التدقيق الشرعي الداخلي (شحاته، ب د، 14).
  • ضمان استقلالية وموضوعية فريق التدقيق الشرعي الداخلي.
  • ممارسة الرقابة المستمرة على الأنشطة المالية وغير المالية.
  • تقييم فعالية عملية التدقيق الشرعي الداخلي بشكل مستمر.

التحديات التي تواجه التدقيق الشرعي الداخلي:

يواجه التدقيق الشرعي الداخلي عدة تحديات قد تؤثر على فعاليتها، وتتمثل هذه التحديات في الآتي:

  • تحديات في قلة الوعي بأهمية التدقيق الشرعي الداخلي.
  • تحديات في نقص الكفاءات والخبرات اللازمة لأداء التدقيق الشرعي الداخلي بشكل فعال.
  • تحديات في جمع البيانات والمعلومات اللازمة لعملية التدقيق الشرعي الداخلي.
  • تحديات في تحديد وتقييم المخاطر الشرعية المحتملة.
  • تحديات في ضمان استقلالية وموضوعية فريق التدقيق الشرعي الداخلي.
  • تحديات في التواصل الفعال مع الإدارة والعاملين في المؤسسة المالية الإسلامية.
  • تحديات في تنفيذ التوصيات المقدمة من قبل فريق التدقيق الشرعي الداخلي.
  • تحديات في الامتثال للمتطلبات التنظيمية والشرعية المحددة من قبل الجهات الرقابية.
  • تحديات في استخدام التكنولوجيا بشكل فعال في عملية التدقيق الشرعي الداخلي.
  • تحديات في توفير التمويل والموارد اللازمة لعملي التدقيق الشرعي الداخلي.

التدقيق الشرعي الداخلي والذكاء الاصطناعي:

أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي على التدقيق الشرعي الداخلي في المؤسسات المالية الإسلامية من خلال تحسين كفاءة عملية التدقيق من خلال أتمتة العديد من المهام التي كانت تتطلب تدخلاً بشرياً، وتحليل كميات كبيرة من البيانات بسرعة ودقة باستخدام تقنيات التعلم الآلي وتحديد الأنماط غير الطبيعية، وتحليل البيانات التاريخية والتنبؤ لتحديد المخاطر المحتملة وتقديم توصيات التحسين، وتعزيز الشفافية من خلال توفير تقارير مفصلة ودقيقة حول نتائج التدقيق باستخدام أدوات تحليل البيانات، وتحسين دقة عملية التدقيق من خلال تقليل الأخطاء البشرية.

التدقيق الشرعي الداخلي في الجمهورية اليمنية:

يُعد التدقيق الشرعي الداخلي في الجمهورية اليمنية عملية حيوية لضمان امتثال المؤسسات المالية والمصرفية للمعايير والضوابط الشرعية الإسلامية في ظل التطورات الاقتصادية والمالية التي تشهدها اليمن، تزداد أهمية دور التدقيق الشرعي الداخلي في تعزيز الشفافية والمساءلة. وهناك قوانين وتشريعات يمنية تحكم هذه العملية، مثل قانون البنوك رقم (38) لسنة 1998م الذي ينظم عمل البنوك فيها ويحدد متطلبات الالتزام بالشريعة الإسلامية، وقانون الشركات التجارية رقم (22) لسنة 1997م الذي ينظم عمل الشركات التجارية في الجمهورية اليمنية ويحدد متطلبات الالتزام بالشريعة الإسلامية، وقانون مهنة تدقيق ومراجعة الحسابات رقم (26) لسنة 1999م الذي ينظم مهنة التدقيق والمراجعة في الجمهورية اليمنية ويحدد متطلبات الالتزام بالشريعة الإسلامية. وبذلك فإن عملية التدقيق الشرعي الداخلي في الجمهورية اليمنية تتطلب تنظيماً دقيقاً وفقاً للتشريعات الحالية، مع التركيز على استقلالية الهيئات المعنية وتطوير أليات المراجعة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة من خلال تعزيز هذه الجوانب يمكن تحسين فعالية الرقابة في المؤسسات المالية الإسلامية في اليمن.

المراجع:

  1. البنك المركزي العراقي. (2018). ضوابط هيئة الرقابة الشرعية والتدقيق الشرعي الداخلي والامتثال الشرعي في المصارف الإسلامية.
  2. شحاتة، خسين حسين. (دت). الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية، بحوث في الفكر الاقتصادي الإسلامي.
  3. مشعل، عبدالباري. (2011). استراتيجية التدقيق الشرعي الخارجي: المفاهيم وآلية العمل نظرة مستقبلية في ضوء معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية AAIOFI .