وقف النقود حكمه وتطبيقاته المعاصرة
الأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت أنموذجًا بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبدالله صل…
الأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت أنموذجًا
بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبدالله صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد :
فإن الوقف من عقود التبرعات العظيمة ذات الأثر الكبير والنافع في الإسلام، فبه تحقق مقاصد عظيمة وتسد حاجات ضرورية، وهو من أجل العبادات وأعظم الطاعات، وتتكاثر به الحسنات؛ ولذا جاء الشرع مرغبًا به في نصوص كثيرة، وهو معنى من معاني التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله تعالى به في قوله سبحانه : {وتعاونوا على البر والتقوى}، وهو من الصدقات الجارية المستمرة للإنسان حتى بعد موته.
والوقف كذلك موضوع اقتصادي تنموي، يخدم فئات مختلفة ومتنوعة على سبيل المثال يدعم العلوم كالوقف على المدارس والكتب والعلماء وطلبة العلم، كما يدعم المواضيع الإجتماعية كالوقف على الفقراء والمحتاجين، وغير ذلك من أنواع الوقف ومقاصده.
الوقف من محاسن الشريعة الإسلامية، فإنه لم يعرف الوقف في الأمم السابقة، يقول الأمام الشافعي -رحمه الله- : ( لم يحبس أهل الجاهلية وحبس أهل الإسلام )، وقيل : إن أول وقف كان في الإسلام هو وقف عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وذلك بعد فتح خيبر. وكذلك من السابقين الأوائل وقف عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ووقف أبي طلحة -رضي الله عنه- وقد قال فيه النبي ﷺ : ( بخ بخ، ذاك مال رابح ).
ولـمّا كانت النقود في عصرنا هذا قد أخذت صورًا كثيرة لسهولة تداولها ومجالات واسعة في الإستثمار بها، جاء هذا الموضوع وهو (وقف النقود) لأهميته ولعظيم نفعه، ولا سيما وقد وجدت له تطبيقات ناجحة ونافعة في عدة مؤسسات ومن ضمنها ( الأمانة العامة للأوقاف ) في دولة الكويت، حيث أخذت وقف النقود مجالاً واسعاً في الصناديق الوقفية في مجال الدعوة والإغاثة وكذلك في مجال العلم تعليم ونشر القرآن الكريم وعلومه.
ومن خلال هذه المقالة سأعطي لمحة سريعة للقارئ الكريم حول هذا الموضوع لعل هذه اللمحة تسهم في تشويق القارئ للاستزادة وللبحث والإهتمام مما يسهم في خدمة البحث الفقهي في هذا المجال ولعل الله أن ينفع بجهود الجميع ويبارك فيها.
أولًا : الوقف هو الحبس لغة، واصطلاحًا عرفه الفقهاء بتعريفات كثيرة متقاربة في الجملة، ومنها قولهم : الوقف هو : تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة.
ثانيًا : المقصود بالنقد في هذا الموضوع هو : الأوراق النقدية وتشمل العملات التي يتعامل الناس بها في عصرنا بيعًا وشراء. وقد صدرت قرارات المجامع الفقهية باعتبار الأوراق النقدية أو العملات نقودا وأثمانا بذاتها وتجري فيها الأحكام الشرعية التي تجري في الأثمان.
ثالثًا : لوقف النقود صور منها : 1- وقف النقود للقرض. 2- وقف النقود للاستثمار.
رابعًا : من خلال البحث الفقهي، فقد اختلف الفقهاء في حكم وقف النقود على ثلاثة أقوال :
القول الأول : عدم جواز وقف النقود مطلقا، وهو قول الشافعية والحنابلة.
القول الثاني : كراهية وقف النقود، وهو قول لبعض المالكية.
القول الثالث : جواز وقف النقود، وهو المشهور عند الحنفية وقول عند المالكية وقول عند الشافعية ورواية عند الحنابلة، واعتمده شيخ الإسلام ابن تيمية، واختاره الشيخ العثيمين، ومجمع الفقه الإسلامي، وكذلك الأيوفي في معيار الوقف.
ومرجع الخلاف إلى اشتراط التأبيد في الأعيان الموقوفة فليراجع وليتأمل !